بسم الله الرحمن الرحيم مقال من وريقاتي بتصرففي القرن السادس الهجري منّ الله على العالم الإسلامي الذي بدت عليه امارات الضعف والشيخوخة بعد السلاجقة وتوزعه ملوك وامراء في الأنحاء بقادة كبار حفظ الله بهم شرف الإسلام وعزته ، وأعاد بهم الحياة في العالم الإسلامي المنهار ، بدأت الغزوات الصليبية تتحدى الإسلام والمسلمين كلهم وتهدد الجزيرة العربية ومهد الإسلام والدول المجاورة للشام ، واستولى الصليبيون الأوروبيون فعلاً على القدس وعلى عامة مدن الشام وقلاعه ، وطمعوا في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكانوا أكبر خطر على الإسلام والمسلمين بعد خطر الردة .هنالك قيد الله للإسلام عماد الدين أتابك زنكي ( م 541 هـ ) الذي قارع الصليبيين وهزمهم في معارك كثيرة وفتح الرها ، وقام بعده ولده العظيم الملك العادل نور الدين محمود زنكي ( م 569 هـ ) وصمم على إجلاء الصليبيين من الشام واسترداد القدس للمسلمين ، ومات رحمة الله عليه قبل أن يكمل مهمته وخلفه في ذلك أحد رجاله ومرشحيه الملك الناصر السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ملك مصر . وهو الرجل الذي هيأه الله ( سبحانه وتعالى ) لهذه المهمة العظيمة وجمع فيه من خصال الحزم والعزم والإخلاص والتجرد للغاية ، والحرص على الجهاد والتفاني في سبيله وعلو الهمة في نصر الإسلام وقتال أهل الكفر والبغي ، وحسن القيادة ، والصلاح والديانة ، والفتوة الفائقة ، والإنسانية السامية ، ومكارم الأخلاق مالا يجتمع إلا في أفذاذ الرجال . فكان بذلك معجزة من معجزات الإسلام ودليلاً على أن الإسلام لم ينتهي دوره ولم يفقد الحيوية والإنتاج ، وقد توحد العالم الإسلامي ، واجتمع تحت لواء صلاح الدين للجهاد أجناس كثيرة من المسلمين لم تجتمع قبل ، والتهبت شعلة الجهاد والغيرة الإسلامية بعد مدة طويلة ، واستخدم صلاح الدين للجهاد كل ما وصل إليه العالم الإسلامي من العلم والإختراع وصناعة الحرب يومئذ ، وكل ما أوتي من الذكاء والصبر والتفكير ، وهزم الصليبيين في حطين عام ( 583 ) هـ هزيمة منكرة وكسر شوكتهم وفتح القدس في نفس العام واستولى على فلسطين كلها وانحصر الصليبيون في ( صور ) فقط .وألقت أوروبا افلاذ أكبادها ، وجائت بحدها وحديدها واجتمعت جيوشها الكثيفة تحت قيادة القائد الكبير رتشارد ملك انجلترا وكانت الحرب بين المسلمين والصليبيين سجالاً حتى وقعت الهدنة سنة ( 588 هـ )- سبتمبر 1192 - وجلا معظم الغزاة الصليبيين عن فلسطين ورجع رتشارد إلى ملكه ، وبعد ذلك بسنة استأثر الله بصلاح الدين .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق